من حوار الأربعاء

حوار الأربعاء العلمي الأسبوعي رقم (28)

العدل والإحسان في الشريعة الإسلامية
 تطبيقات أصولية وفقهية

د. مازن عبداللطيف عبدالله البخاري
23 رجب 1435ه الموافق 22 مايو 2013م
رئيس قسم المواد العامة- كلية الآداب والعلوم الإنسانية
جامعة الملك عبدالعزيز  - جدة – المملكة العربية السعودية 

المستخلص: العدل في الإسلام ليس متروكًا لأهواء الناس وميولاتهم، بل قد رسمت معالمه النصوص الشرعية، كما أنه ليس مفهومًا ذهنيًا مجردًا، بل هو مفهوم واقعي مندمج في التشريع نصًا وروحًا ومقصدًا، بل يتمثل "مفهوم العدل" في أعلى صوره في المصلحة العامة لشمول نفعها، وعظيم خطرها. وكما تعم المصلحة فإن العدل يعم جميع مجالات الحياة البشرية، بل يتعدى بني آدم ليشمل الحيوان، ومن هنا يمكن حصر العدل في ثلاثة مجالات: الأول: إقامة العدل بين المكلف وبين ربه. - الثاني: إقامة العدل بين قوى النفس البشرية. - الثالث: إقامة العدل بين المكلف وغيره. المجال الأول: إقامة العدل بين المكلف وبين ربه: قال تعالى في وصف هذه الأمة: (وكذلك جعلناكم أمة وسطًا)، والوسط هو العدل: أي بين طرفي الإفراط والتفريط، فالخروج إلى الأطراف خارج عن العدل. وقد قال صلى الله عليه وسلم: "يا أيها الناس عليكم من الأعمال ما تطيقون، فإن الله لا يمل حتى تملوا، وإن أحب الأعمال ما دووم عليه وإن قل. الثاني: إقامة العدل بين قوى النفس البشرية: وذلك بالعدل في اتباع الهدى واجتناب الهوى، والعدل في الأخذ بحظوظ النفس؛ بحيث يحبب إلى النفس اتباع الحق، ويزين لها السبل الموصلة إليه، ويوازن بين متطلباتها الجسدية والروحية والفكرية، وبذلك تجتمع لأصحاب هذه النفوس المصالح الدينية والدنيوية. الثالث: إقامة العدل بين المكلف وبين غيره: فالعدل حق مشترك بين الناس رغم اختلاف أديانهم وتوجهاتهم، وضعه الله ليجتث به أصول العدوان من الأرض، وليطيح به جميع مظاهر البغي على الصعيدين الإقليمي والدولي، قال تعالى:  (ووضع الميزان)، وقال تعالى: (الله الذي أنزل الكتاب بالحق والميزان) وشعار قاعدة العدل بين المكلف وغيره قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه"، ويشمل هذا العدل: عدله مع أسلافه الماضيين، وعدل بينه وبين معامليه سواء أكانوا رعاة أو رعية، أنصارًا أو خصومًا، مسلمين أو كفارًا، بل حتى لو كانوا من غير الآدميين. وإن كان المتتبع للشريعة الإسلامية يجد أن إقامة العدل هو من أهدافها السامية، ومقاصدها النبيلة، بل هو مقصد الشرائع جميعًا. عليه فإن العدل وسيلة للإحسان العام، حيث يتعدى نفعه إلى من يتعلق به الإحسان بمختلف معانيه الثلاثة وهي: 1- الإحسان بأن تعبدالله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك. 2- الإحسان إلى الخلق كالوالدين، والأقربين، واليتامى، والمساكين، وسائر الناس، والحيوانات. 3- إحسان العمل وإتقانه وإخلاصه.



آخر تحديث
4/20/2016 2:12:32 PM